الدبلوماسية السعودية المتزنة- وسيط سلام عالمي واحة للاستثمار.

المؤلف: محمد مفتي10.08.2025
الدبلوماسية السعودية المتزنة- وسيط سلام عالمي واحة للاستثمار.

تعتبر الدبلوماسية السعودية، على مر العقود المديدة، محط أنظار وتقدير العديد من الدول، سواء العربية أو الغربية. وعلى الرغم من التقلبات والصراعات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، والتي أدت في بعض الأحيان إلى نزاعات مسلحة نتيجة تهور بعض الدول الطامحة إلى بسط نفوذها السياسي على منطقة الخليج، فقد حرصت القيادة السعودية على الدوام على انتهاج سياسة التوازن في جميع تعاملاتها مع الدول العربية والغربية على حد سواء. ومما لا شك فيه، أن هذه السياسة الحكيمة قد أسهمت بصورة فعالة في تبوُّء المملكة العربية السعودية مكانة مرموقة ومتميزة، وجعلتها تحظى بتقدير وثقة المجتمع الدولي قاطبة.

كما أشرت في العديد من مقالاتي السابقة في صحيفة عكاظ، فإن أحد أبرز مؤشرات القوة السياسية لأي دولة يكمن في قدرتها الاقتصادية. فالنمو الاقتصادي المطرد يمنح الدولة ثقة ومصداقية في سياساتها على الصعيدين الداخلي والخارجي. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر المؤشر الأمني دليلاً قاطعاً على نجاح الدولة في إدارة شؤونها الداخلية بكفاءة واقتدار، وهذا المؤشر بدوره يعزز القوة الاقتصادية للدولة من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع التدفقات النقدية العالمية.

إن الصراعات المتعددة التي شهدتها المنطقة والعالم خلال العامين الماضيين كانت تنذر بكارثة حقيقية، إذ كان من الممكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة مدمرة. ولعل من أبرز هذه الصراعات الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت الآن عامها الثالث. ومما لا ريب فيه، أن أي حرب تستمر لفترة طويلة من الزمن تكون عرضة للتفاقم والاتساع على نحو مأساوي، وقد يؤدي ذلك إلى انخراط أطراف أخرى في الصراع، وهو ما أشار إليه نائب الرئيس الأمريكي مؤخرًا بشأن إمكانية إرسال الولايات المتحدة لقوات عسكرية إلى أوكرانيا.

إن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا ليست مجرد صراع بين دولتين فحسب، بل إن هناك قوى عظمى أخرى، مثل بريطانيا والولايات المتحدة، تقدم الدعم العسكري واللوجستي لأوكرانيا، وهو ما مكّنها من الصمود طوال السنتين الماضيتين. ومن المؤكد أن حل هذه الأزمة المعقدة قد يتطلب تدخل وسطاء يتمتعون بثقة واسعة من قبل المجتمع الدولي، والأهم من ذلك أن يحظوا بثقة جميع أطراف الصراع. فالأطراف المتنازعة لا يمكن أن تقبل بوساطة طرف لا يتسم بالشفافية والحياد المطلق. والثقة في الوسيط لا تقتصر على ثقة الأطراف المتنازعة بالدولة نفسها فحسب، بل تتطلب أيضًا الثقة في قيادتها، التي ينبغي أن تمتلك القدرة الفائقة على تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف المتنازعة.

من البديهي أن أطراف أي نزاع لا ترغب في اللجوء إلى وسيط لا يتمتع بالمصداقية والنزاهة وسط شعبه أولاً. فالقائد الذي يعجز عن إدارة شؤون دولته الداخلية بكفاءة لا يمكنه أن يحظى بثقة المجتمع الدولي، وبالتالي لا يمكنه أن يضطلع بدور الوسيط الفعال في أي صراع؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه. وهناك العديد من الدول العربية والغربية التي عرضت القيام بدور الوسيط بين الرئيس بوتين والرئيس ترامب، إلا أنه من الواضح أن الرئيسين بوتين وترامب يفضلان عقد القمة المرتقبة بينهما على أراضي المملكة العربية السعودية، وبرعاية كريمة من ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان. ولقد بدأت بالفعل التحضيرات لهذه القمة الهامة من خلال عقد سلسلة من الاجتماعات التمهيدية بين وزراء خارجية الدولتين ولقائهم بولي العهد. ومن المؤكد أن هذا الحدث الهام لن يغيب تغطيته عن أي وسيلة إعلامية محلية أو عالمية، فشعوب العالم قاطبة تتطلع بشغف إلى انعقاد هذه القمة التي يُتوقع لها أن تنزع فتيل حرب عالمية محتملة. ولا شك أن انعقادها في المملكة العربية السعودية يعزز من ثقة المجتمع الدولي وشعوب العالم ببلادنا كواحة للأمن والاستقرار والسياحة والاستثمار.

مما لا شك فيه أن استضافة الرياض للقمة الأمريكية الروسية يعكس قدرة القيادة السعودية على تحقيق مستوى عالٍ من الاستقرار والأمن الداخلي، وهو ما يتيح لها استقبال الوفود العالمية التي لا يمكن أن تتوافد على دولة تعاني من الاضطرابات الداخلية. كما أن تصريح الرئيس ترامب قبل أسابيع عن رغبته في جذب المزيد من الاستثمارات السعودية إلى الولايات المتحدة، يعد دليلاً قاطعاً على المكانة الاقتصادية التي تحظى بها المملكة. فمن غير المعقول أن يتوافد قادة الدول الكبرى، مثل فرنسا وبريطانيا والصين والولايات المتحدة، على دولة تعاني من أزمات اقتصادية، أو أن يطلبوا منها ضخ المزيد من الاستثمارات في بلدانهم.

تجدر الإشارة إلى أن بعض الأقلام المأجورة تسعى جاهدة لتشويه كافة الإنجازات السعودية التي تحققت منذ تولي الأمير الشاب محمد بن سلمان ولاية العهد وإطلاق رؤية 2030 الطموحة. ولعل توجيه ولي العهد قبل أيام بتأسيس إدارة متخصصة للأمن المجتمعي ومكافحة الاتجار بالأشخاص، لدليل قاطع على اهتمامه البالغ بالقيم المجتمعية كمؤشر هام لنجاح بقية مؤشرات التنمية الشاملة التي تحققت خلال السنوات القليلة الماضية. ومن المؤكد أن المؤشرات الإيجابية العديدة التي واكبت مسيرة الإنجاز التنموي لولي العهد يصعب حصرها في هذا المقام، إلا أن العناوين الرئيسية التي تتصدر وسائل الإعلام العالمية تكفي لأن يعلم كل مواطن سعودي، وبكل فخر واعتزاز، أن بلاده تسير على الطريق الصحيح نحو تحقيق التنمية المستدامة والازدهار المنشود، وأن ما يتم نشره في بعض وسائل التواصل الاجتماعي أو في بعض المنصات الإخبارية المشبوهة ما هو إلا سموم وأباطيل تهدف إلى زعزعة الثقة بين المواطن وقيادته الرشيدة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة